محمد ناجي احمد الانتماء الوطني في زمن الجدب
يمنات
نبيل الجوباني
محمد ناجي أحمد ذاك الشاب القمحي اللون الذي تخطفته أيادي الغدر والكهنوتبة ولو بالتواطؤ وعدم تعقب الجناة ، وتركته يواجه قدره ظنا منها أن ستسكت برحيله صوت الرفض الناقم والمحتد على ملشنة الحياة وتجريف قيم الحق والوطنية لصالح مشاريع الكهوف والكهنوتية ، وما علمت أن مشروعا وطنيا كبيرا كذاك الذي حاولت أن تطفي انواره بين جنبات فقيدنا الشهيد في محاولة لأن تسدل استاره او تخبو فيه انواره بمجرد أن تفارق روحه الجسد ، او بمجرد موارة جسده الطاهر الثرى ، وما علمت أن مشروعا كمحمد ناجي باق لايموت ، وانتماءات متجددة لأرض ولادة لا تقبل الخفوت ، وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل .. كما يقول شاعر المقاومة درويش .
محمد ناجي احمد المفكر والمثقف والإنسان و أحد رجالات التنوير والتثوير معا ، المتفجر عطاء وحيوية كجدول رقراق قادم من عنفوان الحياة ، لا يعرف الهدوء ولا يعرف التعب ، مفعم بالكبرياء كفارس نبيل حدوده السماء وقد توحد بالأرض هما وقضية ومشروعا وطنيا جامعا .
عاف الرتابة واشعلها مطالعات وكتابة، وانطلق محلقا بحرفه وفكره في فضاء فسيح هو كل عالمه .
تمرد على مألوفه وقد استعصى عليه ترويضه كما استعصت ضروب الحرف توصيفه ، والى اي من فنون الكتابة تصنيفه ، فهو شاعر اريب ، و ناقد وكاتب و اديب ، ومؤرخ ومثقف موسوعي مولد وموهوب و نجيب .
نهم في عطاءاته ونتاجاته كما هو في مطالعاته وقراءاته ، وقد رفد المكتبة اليمنية بأربع عشرة مؤلفا ، ومؤلف اخير لم يرى النور بعد تحت الطبع هي حصيلة ثلاثة عقود من درسه وبحثه ونتاجاته اللامحدودة في مشروعه الذي لا يعرف الحدود ، وقد غدت نتاجاته تلك مورد دخله الوحيد في ظل سلطات القمع والاحتلال الحوثي منذ سنوات سبع هي مجموع سني انقلابها واحتلالها للعاصمة صنعاء ولأجزاء كبيرة في وطننا اليمني الحبيب .
اربعة عشرة مؤلفا ، وهناك جزء كبير من نتاجاته الفكرية والإبداعية شعرا – تحديدا – ونثرا ودراسات نقدية واوراق بحث ، مهملة ولم يقم استاذنا -رحمة الله عليه – بتجميعه وطباعته بين دفتي كتب .
محمد ناجي احمد كان مسكونا بهم كبير وتصدر زمام مسؤولياته الأدبية والثفافية في تحمل عبء التبشير به وتحمل مسؤولياته برغم الظروف العصيبة التي تمر بها كل البلاد .
ومحمد ناجي كمثقف موسوعي شامل ملتزم لمشروعه الكبير الذي تجاوز به جدليات الواقع و الجغرافيا التي اصبحت بفعل سلطات الأمر الواقع هويات محسوبة عليها وفق مخيال وتصورات الجغرافيا واحكامها القسرية وسلطات القبض والبسط فيها ، ليكون للأمكنة اصداؤها وهوياتها المتخيلة ، وفق واقع جغرافي مفروض وتراخي شرعي ملحوظ ومرفوض ، ولتغدو تلك ألجغرافيا هوية مشبوهة لدى كثير من المرضي الذي يضج بهم المشهد الثقافي النقدي والنخبوي السياسي باتجاهات الجغرافيا إلأربع على حد سواء .
ومحمد ناجي احمد باعتبار محل إقامته تحت سلطات قوى الانقلاب الحوثية يصنف – بحسب مرضى كثر – لا على الجغرافيا ولكن على القوى التي تطبق الخناق عليها وتتحكم في إدارة المشهد فيها .
ولو ان هؤلاء المرضى كانوا مكانه لسبحوا بحمد سلطات الأمر الواقع ولتبروا ماعلوا تتبيرا ، لكن التزام ابن ناجي الرجل والموقف و المثقف والانسان كان مسؤولا ، واحترامه لذاته وقناعاته كانا حاضرين وبقوة ، ومشروعه الوطني الكبير جعله يطرح خياراته وانحيازاته الوطنية لمشروع الوطنية الجامع الذي تمثله تعز وتأخذ بزمامه باعتبارها رافعته وحاملة لواء الوطنية والتغيير ، ولذلك قتل في وضح النهار و على مرأى ومسمع من سلطات الأمر الواقع .
ولو أن المرضى كلفوا أنفسهم متابعته على صفحته مثلا. ، و قراءته لادركوا يقينا أي نوع من الرجال يكون محمد ناجي أحمد ، واي قوى عدمية هم ، ولايجيدون غير ( السمامي ) وشيطنة الجغرافيا قبل الرجال ، ولا عزاء لنا في مستوى هذا الإنحطاط والابتذال ، وفي مستوى التردي والاسفاف لدى هؤلاء الأشباه ومرضى النفوس إلآ أن يتوبوا إلى بارئهم ويقدموا نماذجهم إن كانوا فاعلين .
ويبدو أن المشكلة بنيوية في بؤس الوعي الذي تعكسه هذه العاهات وقد تحولت الى أزمة تنسحب على الواقع كظاهرة في جغرافيتنا اليمنية الملغومة.
محمد ناجي احمد قاوم التجيير ورفض الصمت والسلبية والممالاة والمخاتلة والزييف ، ودفع حياته ثمنا لمواقفه الوطنية الشجاعة والشريفة ، وانتماءه الأصيل للوطنية اليمنية .
كنت قد ابديت خشيتي عليه مرة جراء كتابته الجريئة الناقدة والكاشفة لسلطات الحوثي وتحديدا في 4 اكتوبر 2020 م لاسيما وهو مقيم في جغرافيا سلطات أمرهم الواقع فكان رده ( لن يصيبنا إلآ ماكتب الله لنا ) .
الأعمار بيد الله.
كان مدركا – رحمة الله تعالى عليه – بأن صمت المثقفين والنخب خيانة ، وتماهييهم مع سلطات الجبر والإكراه المتحكمة بمشهديات الأمر الواقع خيانة أكبر و جريمة لاتضاهيها جريمة في حق الشعوب وإلآوطان ، ومالم يكونوا مشاعل النور للمستقبل والأجيال فلن تقوم لهذه البلاد قائمة ويستووون في ميزان الحق والعدل مع قوى الانقلاب المتحكمة بسلطات الأمر الواقع في الجرم بالتواطؤ والتماهي والسلبية .
و محمد ناجي احمد والحق يقال كان واحدا من قلائل جاد بهم المشهد الثقافي التسعيني كناقد وكاتب واديب ، تجاوز سنه مبكرا كما تجاوز مكانه وزمانه معا ، ليكون أحد رواد المشهد الإبداعي نتاجا ، وقد حفر بالعشر أسمه ، وبصم بها وسمه و وشمه ، وكلل بالفكر والكلمات عصارة إبداعه و رسمه ، وكان صاحب عزيمة و همة .
ولعل لطبيعة ابن ناجي الثائرة جعلته حادا حتي مع نفسه ، صارما حتي مع احساسه ، متمردا حتى وهو يلفظ أنفاسه .
أما على صعيد الفكرة والنقد فإن فقيدنا المرحوم بإذن الله تعالى / محمد ناجي احمد قد مارس الأبوية في بعض من طرحه وتحيزاته ، ولن نقول انحيازاته ، وقد غالى في بعضها ، وربما رفص أي سلطة نقدية تمس ما يطرحه هو وقد مارس فيما درس وعرض جرحه وتعديله وإعمال ادواته النقدية ، وحتى الانطباعية في كثير من مشهدياته النقدية ، وربما رفض ويرفض إعمال ادواته تلك فيه .
وقد اعتمد ابن ناجي رحمة الله عليه على ذواكر ذات هوى ، في ذكرياته ومذكراته السياسية والخاصة في بعض بوحه ومواجيعه ،
او ربما وجدنا أو نجد في بعض من شخصياته التي عول عليها تاريخا في تحليلها او شهاداتها ، وهي تبحث عن دور في مشهديات الموقف او في التاريخ او في الحضور ، وربما يكون لتلك المرجعيات عقدها الخاصة و مواقفها الانطباعية وقراءاتها القاصرة والغير معمقة ، وربما تفلتت كثير من شواهدها في سرد تلك المشهديات او الشهادات ، والتي لا تخلو من تحيزات خاصة في سرد مشهديات شهادات ذاكرتها السياسية المثقوبة ، والتي قد تتسم بأحادية النظرة وضيق الافق وبالشخصنة وانحيازاتها الخاصة ، ناهيك عن كونها بحاجة إلى تحريرها اولا من تلك الابوية او من مطلقيات التعميم و ثبوتية الطرح والرؤية .
التقيت فقيدنا محمد ناجي مرات خاطفة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحده : مرة في ساحة الحرية وقد كان حينها أحد قادة حركة الكرامة الشبابية ، ومرة او مرتان في مكتبة المختار بعقبة شارع جمال في آواخر تسعينيات القرن الماضي وقد كان حينها معلما في ثانوية تعز الكبرى ، ومرة بفرع التنظيم وقد كان فيه محاضرا ، ومرة قبل تلك اللقاءات الخاطفة جميعا في تأبينية الفقيد / أحمد طربوش سعيد -رحمة الله عليه – وقد كان حينها من ضمن فريق الإعداد لحفل التأبين في تعز حيث كنت تقدمت حينها للجنة الإعداد بمرثية شعرية للفقيد وقد كان أخينا محمد ناجي مسؤولا عن مراجعة النصوص الشعرية – إن لم تخني الذاكرة – وقدمتها لأخينا العزيز / عادل العقيبي عضو اللجنة ، وفهمت منه أن البرنامج التأبيني مزحوم على الآخر ، ولكن مع ذلك إن سنحت الفرصة فستقدم وعلينا أن تكون مستعدين لذلك ، وأما إن تعذرت الفرصة فيمكن أن تقدم في فاعلية تنظيمية داخلية ، والحق يقال أيضأ ان البرنامج كان مزحوما على آخره فهناك أكثر من ثمان كلمات واربع قصائد شعر – إن لم تخني الذاكرة – ، كما أن فعالية التأبين بدأت متأخرة في حدود العاشرة تقريبا ، وكان اليوم جمعة ، ولولا أن شاعرنا الكبير / علي نائف أمير العذري – رحمة الله عليه – قد احتكر الميكروفون بقصيدة عصماء تجاوزت المائتين بيت تقريبا ، وهو القادم من صنعاء ، لولا ذلك لنلت شرف رثاء فقيدنا الراحل / أحمد طربوش سعيد رحمة الله عليه – ، وأيضا كلمة اصدقاء الفقيد التي ارتجلها الاستاذ / علي الضالعي .
وكان فقيدنا الراحل / محمد ناجي احمد مقدما لهذا الحفل حينها ، لم أكن أعرفه عن قرب ، لكنني أزعم أنني عرفته قبل ذلك شاعرا في ملحق الجمهورية الأدبي ثم في ملحق الخميس الثقافي لصحيفة الجمهورية ثم في الجمهورية الثقافية مع كثير من الأسماء الإبداعية شعرا ونثرا وترجمة ، وكان ابن ناجي أحد أبرز تلك الأسماء ولا أخفي تحيزي له وهو يطوع الكلمات ويبلور الأفكار كواحد من النقاد الكبار وهو لم يرل حينها طري العود يافعا لكنه مفعم بحيوية ونشاط غير عاديين سياسيا وادبيا وحتى اعلاميا وهو يغطي تحقيقات لصحفية الوحدوي باعتباره مراسلها في تعز .
كما لم يكن فقيدنا الأستاذ / محمد ناجي احمد حين يطرح حوارته او يدير نقاشاته او حتى في عرضه لأفكاره تقليديا بل كان يدهشك في اختيار لغة مفرداته ، والتي غدت أسلوبا و سمتا لمشروعه الأدبي الذي يحمل ، وللمشهد الإبداعي الذي تبوأ صدارته بلا منازع ، كان محفوفا بطاقة جبارة ونزوع خلاق لكيونة ترده أن يكونها ، وفي تقديري المتواضع كانها وباقتدار في إطار رؤية كبرى لمشروع إثبات الذات وتحقيق الوجود باعتداد فكري أصيل يمنحه الثقة ويغذي طاقته باليقين لاسيما وهو لا ينقصه الطموح .
محمد ناجي احمد كان شاعرا وأكثر منه ناقدا ومدققا بل ومحققا في آن .
واقولها وبصدق كانت تروقني جدا مساجلاته النقدية التي يديرها في ملحق الجمهورية الثقافي لاسيما تلك التي كان يخوضها على صفحاتها في نقاشات او مساجلات نقدية إذا صح التوصيف مع اساتذتنا فيما بعد كالدكتور / د.شريف بشير أحمد الذي أدين له بالفضل شخصيا على طرحه واطروحاته التي فتحت مداركنا وساهمت إلى حد كبير في صقلنا وفي تشكيل ذائقتنا النقدية نحن خريجي الدفعة الرابعة من جامعة تعز قسم الدراسات العربية والمتأثرين به وبأسلوبه ورؤيته الحداثية حد الهوس .
كما أن محمد ناجي أحمد حدد موقفه باكرا بانحيازاته لمشاريعه الفكرية والثقافية حتى وإن كأن ذلك على حساب مشروعه السياسى الذي لا أظن أن ثمة تعارض بينهما ، وقد تجاوز ذلك مبكرا في فكرة الخلوص بتوحده المتصوف حينها مع عمقه المعتمل بين حلمه ووعيه ، وبين ذاته وواقعه ، او بين كينونة تتخلق وذات تتحقق وصيرورة يراد أن تتجاوز الواقع / الراهن / الصادم إلى بديل يخرجه من سردياته المعتملة في أناه تلك إلى ذاته الواعية ؛ لتكون الذي يريده .
وكنت ارى حينها عتابا يجريه مع اختزالاته المكثفة ، ومفاتيح استهلالاته ، ومفتتحات مشهدياته وحالاته المرهفة كما يتجلي ذلك في عناوين قصائده حينها وفي اهداءاته التي تتصدر بعضا منها ، او كما يتضح من أسماء كتبه وعناوينها التي تعتبر مفاتحا لما تحتها او خلاصة لمحتويات الكتاب ومادة موضوعه .
لقد كان رحمة الله عليه يحمل مشروعا عاما لا خاصا نذر له حياته واشتغل على نفسه كثيرا ليمتلك ادواته بمسؤولية واقتدار ، و إن تبدت بدايات مشروعه الأولى ذاتية ( تحقيق الذات وتأكيدها ، وقيادة واقتفائيات اثر ، و تقدير اجتماعي/سياسي /ثقافي ) ثم اصطدام بواقع مزري وتحديات لم تحنه للعاصفة ، لكنه حاول أن يفر منها ومن نفسه إلى عوالم أخرى فيها نكران الذات وتمجيد عذاباتها في جلد يفضي به لمصالحة دواخله واعتمالاته وتوحده مع ذاته النزاعة بتصوف هذب الأفكار ورشد الحوار الذي دائما ما يجريه مع ذاته ؛ وحدد بعد طول مقام الأفكار وشواردها ، وشذب المشوار بجنوحه لمشروع التنوير و التثوير معا ، وهو مشروع جامع بحجم الوطن والناس .
كما لم يكن محمد ناجي احمد ينقصه الطموح ولذلك كان يسعي للفرادة والتميز ، وتلك الميزة تكسبه شكيمة من نوع خاص.
وأورثه ذاك الطموح مايورثه التنافس بين أبناء الجيل الواحد عادة او بين شركاء ذاك الطموح حدة ومنافسة وربما خصومة .
قد يصيب المرء في طموحه وقد يخفق ، و عند ذوي الههم الكبيرة وأصحاب الفرادة والتمير يغدو الإخفاق مرة وشما او وسما لا تمحوه الأيام ، قد يتخفف المرء منه قليلا وقد يظهر عليه كما في حيل الدفاع النفسي بشكل لاشعوري لاسيما إذا ما كان طرفه الآخر أحد أسباب عقد الانتكاسة أو حتى الارتكاسه حاضرا وفق تصور الحالة المرضية ، فيمنحه شعورا مريحا كتعويض لماضي عقد نقصه ، والأستاذ / محمد ناجي أحمد – رحمة المولى تغشاه – قد يكون تعرض لمثل ذلك وفق تقدير افتراصي ، وتتجدد انفعالات تلك العقد بمثيرات كمرور طيف المرء بذكرى تجدد آلامه وتستهدف طموحه واحلامه ، وتنكس راياته واعلامه .
وأخينا / محمد ناجي احمد كان مشروعا ولايزال كذاك حتى بعد أن قضى نحبه ، وعلى كل محبيه واقرانه وأبناء جيله ولن نقول وأبناء محافظته تعز تحديدا ، بل واليمن الكبير دعوة لاستكمال ما بدأه واسس له وفق هويته الوطنية ودائرته العروبية كهوية اكبر وهو العروبي الذي لا تستهويه الهويات الصغيرة الطاردة التي لا تقبل بالآخر وترفض التعايش معه ، وهو صاحب مشروع إنساني بحجم الوطن والناس والأمة .
قد يخسر المرء جولة في مشاريع الأنا واثبات الذات ؛ لكنه يتجاوزها في جولات الحياة ودوراتها القادمة .
وابن ناجي يخرج من محنه واقفا كمآذن السودي وهي تلتحف الغيم ، وتستحم بالضوء متهيئة لكشوفات وفتوح وتجليات لوعد قادم ، وهو القادم من جينات قدس المجد والعنفوان وترابها الطهور ، ومن مداد عشقها الخالد الذي لايموت ، وبانتماءه الاصيل لهذه المدينة – التي شكلت وعيه – ولوطنه الكبير ولأمته .
وقد انتصر محمد ناجي أحمد لهذه المدينة ولمشروعها الوطني الكبير ، وقارع صلف الهاشميون الجدد في عقر سلطات الأمر الواقع حين حنث الكثير ، ولاذ بالصمت الأكثر ، وتحول الكثير إلى دراويش تتمسح بالأيادي وتقبل الركب ، فلعنة الله عليهم ولعنة آلله على الحاكمين بأمر أبي لهب .
فقيدنا المرحوم بإذن الله تعالى / محمد ناجي احمد أكبر من أي قدح قد يطاله او يناله في انتماءاته وخياراته الوطنية أو في انحيازاته لمشروع الوطن الكبير ، كما أن أي مدح لايمكن ان يحتويه أو يعطيه حقه فهو كبير بحجم المشروع الوطني الأكبر ، فهو لم يماهي أو يمالي سوى خيارات الوطن الكبرى ، وسيظل أحد رجالات التنوير والتثوبر معا .
لم يكن محمد ناجي أحمد ككثير ممن تساقطوا في أروقة المحاسيب أكانت في مربعات الشرعية وفنادقها او في مربعات الحوثي وتجريفاتها .
حافظ ابن ناجي على احترامه لنفسه من وازع أخلاقي ، والتزام قيمي صادق ، وذاك رأس ماله الحقيقي الذي لم يتلطخ حتى ولو بالتقية أو بالصمت والانكفاء على ذاته وهو تحت سلطات امر الحوثي الواقع ، فلم يبرر ولم يزور ولم يدلس ولم يتحول إلى بوق في أسواق التجاذب والسقوط ولم يهادن او تهون عليه نفسه ، بل فضح وعرى وانتقد وبصوت مسموع وحاد ، وانتقد الصراع الدائر وفنده ، وعرى أمراء الحروب وكشف حقيقة الحرب الدائرة ودهاقنتها ، وحذر باكرا من مشاريع ملوك الطوائف الجدد ، وجزر الفوضى التي تصنع على رؤوس الأشهاد .
ذاك محمد ناجي احمد لمن لم يعرفه بعد ، اكبر من اي انتفاع او انتهازية في وضع اضحى مبررا للإعاشة والاعتياش لدى كثير من الناس .
حين قرأت كتابه ( هذا انا .. بعض بوح ومواقف و وجع ) شعرت بمرارة من نوع مختلف وانتابتني هواجس كأن الرجل يكتب خاتمته بسرد ذكرياته تلك ، ويعلن رحيله قبل أوانه .
وعند نبأ وفاته او استشهاده استذكرت ذاك الشعور الذي انتابني يومها .
محمد ناجي احمد إني لرحيلك لحزين .